بسمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحيم
(تعويدُ الأطفالِ على ذكرِ اسمِ اللهِ عزَّ وجلَّ)
حثَّنا الشَّرعُ على ذكرِ اسمِ الله في أوَّلِ كلِّ فعل؛ كالأكلِ والشُّربِ والكتابة والقراءة والطهارة وركوب البحر، وغير ذلك من الأفعال….
قال تعالى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: 118].
وقال تعالى: ﴿ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها﴾ [هود: 41].
وقالَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أغلِقْ بابَكَ واذكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأطْفِئْ مِصباحَكَ واذكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأوْكِ سِقاءَكَ واذكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرْ إناءَكَ واذكُرِ اسْمَ اللَّهِ)).
حديث صحيح، رواه البخاري (رقم: 3280) عن جابر رضي الله عنه.
وقالَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((يا غُلاَمُ! سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمّا يَلِيكَ)).
حديث صحيح، رواه البخاري (رقم: 5376) ومسلم (رقم: 2022) عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه.
وقالَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ الشَّيْطانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعامَ أنْ لا يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ)).
حديث صحيح، رواه مسلم (رقم: 2017) والإمام أحمد (رقم: 23249) وأبو داود (رقم: 3766) عن حُذيفة رضي الله عنه.
وقالَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ)).
حديث صحيح، رواه البخاري (رقم: 6674) ومسلم (رقم: 1960) عن جُندب بن سُفيانَ رضي الله عنه.
وشكا إليه عثمانُ بنُ أبي العاص وجعاً يجدُه في جسدِه منذَ أسلم، فقال له رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَألَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: “بِاسْمِ اللهِ” ثَلاثاً، وَقُلْ سَبْعَ مَرّاتٍ: “أعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ ما أجِدُ وَأُحاذِرُ”)).
حديث صحيح، رواه مسلم (رقم: 2202) عن عثمانَ بنِ أبي العاص رضي الله عنه.
معنى قولِ “باسمِ اللهِ”
باسم الله تعني: بدأتُ بعونِ اللهِ وتوفيقِه وبركتِه.
يجبُ أن نذكرَ اسمَ اللهِ عزَّ وجلَّ عندَ البدءِ أو الافتتاحِ بأيِّ عملٍ حتَّى يكونَ الافتتاحُ ببركةِ الله عزَّ وجلَّ.
هذه البسملةُ ينبغي أن تدورَ معَ المسلمِ في كلِّ نواحي حياتِه، وفي كلِّ نشاطاتِه، إذا قامَ ليتوضَّأ، إذا دخلَ البيتَ، إذا قامَ ليأكلَ، إذا قامَ ليشربَ، إذا ذهبَ للنَّومِ فليقل: باسمِ اللهِ.
ملاحظةٌ هامّة: المشروع عند تلاوة القرآن أن نقول: بسمِ الله الرحمن الرحيم، أمّا عند الأكل والنَّوم، فالمشروعُ أن نقول: باسم اللهِ، كما ورد في السُّنّةِ.
قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَنْ قالَ: “بِاسْمِ اللهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” ثَلاثَ مَرّاتٍ، لَمْ تَفْجَأْهُ فاجِئةُ بَلاءٍ حَتَّى اللَّيْلِ، وَمَنْ قالَها حِينَ يُمْسِي، لَمْ تَفْجَأْهُ فاجِئةُ بَلاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ، إنْ شاءَ اللهُ)).
حديث صحيح، رواه الإمام أحمد (رقم: 528) وأبو داود (رقم: 5088) وروى نحوه ابن ماجه (رقم: 3868) والترمذي (رقم: 3388) عن عثمانَ رضي الله عنه.
ما أجملَ أن نستيقظَ وأوَّلُ خاطرٍ يردُ على أذهانِنا هو “باسم الله”! وما أجملَ أن نُنهيَ يومَنا بـ”باسم الله”!
أحبُّ أن أذكِّرَ هنا بقولِ الله تعالى: ﴿وَكُلَّ إنسانٍ ألْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنشُوراً اقْرَأْ كَتابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ اليوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً﴾[الإسراء: 13].
يخبرُ الله سُبحانَه وتعالى في هذهِ الآيةِ الكريمةِ أنَّه ما مِن إنسانٍ إلا سيجدُ كتابَ أعمالِه ملازماً له، يُعرَضُ عليه يومَ القيامةِ، ويُقالُ له: اقرأْ كتابَكَ، وأنتَ حسيبُ نفسِكَ بعدَ أن تقفَ على كلِّ أعمالِك التي عملتَها في الدُّنيا.
وهذا هو العدلُ التّامُّ, والإنصافُ الكامل.
كم منّا يفكِّرُ في هذهِ اللَّحظةِ؟
كم منّا يراقبُ أفعالَه و أقوالَه ؟
كم منّا يخافُ من هذا اليومِ ؟
من سنّةِ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ المطهَّرةِ: أنَّه كانَ يبدأُ كلَّ أفعالِه بـ: “باسم الله”، وهذا ما أودُّ تعليمَه للأطفال.
أودُّ تدريبَ الأطفالِ على ذكرِ اسم الله قبلَ أن يبدؤوا بالقيامِ بأيِّ عملٍ راجيةً من الله عزَّ وجلَّ أن تكونَ كتبُهم يومَ القيامةِ مليئةً ببسم الله الرحمن الرحيم.
لقد قمتُ بإعدادِ لوحةِ “بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ” بنفسي، فوضعتُ على رأسِها كتاباً وطبعتُ عليه “بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ”، وبيَّنتُ للأطفالِ أنَّ هذا الكتابَ إنَّما هو لتذكيرِهم بكتبِهم يومَ القيامةِ وأنَّ ثَمّةَ رقيباً على كلِّ أفعالِهم وأقوالهم.
ثمَّ قمتُ برسمِ طريقٍ، وأوصلتُ هذا الطَّريقَ إلى الكتابِ، وبيَّنتُ للأطفال أنَّ هذا الطَّريقَ شبيهٌ بطريقِ الحياة، وقد تعمَّدتُ أن أرسمَ طريقاً ملتويةً، وأخبرتُ الأطفالَ أنَّ الحياةَ قد تأتي بأيامٍ سعيدةٍ وأيامٍ حزينةٍ أو صعبةٍ، وقد ننحرفُ إلى اليمينِ أو إلى الشِّمالِ، ولكن ما دامت مخافةُ الله تملأُ قلوبَنا وحبُّ الله يُحي ضمائرَنا، فإنَّ مواجهةَ أيِّ يومٍ ستكون سهلةً بإذن الله، و سنبقى -إن شاء اللهُ- على الصِّراطِ المستقيم.
وضعتُ بعضَ الصُّورِ للأعمالِ اليوميّةِ في حياةِ الأطفالِ مثلِ الطَّعامِ، الشَّراب، النَّوم، القراءةِ، وغيرِها؛ حتَّى يتذكَّرَ الأطفالُ أنَّه يجبُ ذكرُ اسم الله قبلَ البدء بأيِّ عمل، وحينما يذكرُ الطفلُ اسم الله قبلَ البدء بأيٍّ من الأعمالِ يقومُ بتلصيقِ قطعةٍ خضراءَ على الطَّريقِ حتى يبنيَ الطريقَ ليصلَ إلى كتابِه.
هناك مئةُ قطعةٍ لبناءِ الطَّريقِ لكلِّ طفل، وقد وضعتُ هذه القطعَ في ظرفٍ ألصقتُه على اللوحة، ومن السَّهل نزعُ هذه القطعِ في آخرِ اليومِ حتَّى يتمكَّنَ الأطفالُ من استخدامِها في اليوم التالي، وقد استخدمتُ نوعيّةَ لاصقٍ يُدعى “Velcro”.
أختي! حُثِّي أطفالَك على ذكرِ اسمِ اللهِ حتَّى يعلمُوا أنَّ التَّوفيقَ والبركةَ تعمُّ بذكرِ اسمِ الله.
آملُ أن نبدأ جميعَ أعمالِنا بـ: بسمِ الله الرَّحمن الرَّحيم.