من أجل تكوين شخصية مستقيمة لدى الطّفل لابدّ من توجيه سلوكه في ضوء الإسلام، والجمع في تربيته بين التّرغيب والتشجيع وبين التّحذير والتنبيه.
هنالك عدة امور بسيطة يمكن ان يفعلها الطفل للحصول على الحسنات وعلينا كاهل ان نشجع الطّفل على جمعها وتعليمه الحرص عليها لكي تزيد ولا تنقص.
المحافظة على الصّلاة
قال صلى الله عليه وسلم:” إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله له حسنة ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عنه سيئة”
الألباني صحيح التّرغيب ٣٠١
نعلّم الطّفل أنّه إذا حافظ على الّصلوات الخمس فإنّه يحصل على الحسنات، ( ويمكنه وضع بطاقة ” حسنة” في حصّالته في كل صلاة حافظ عليها، فإذا حافظ عليها في البيت كلّها يكون حصل على خمس بطاقات ، وإذا اجتهد وذهب إلى المسجد تكون حسناته مضاعفة).
البر بالوالدين
البّر بالوالدين من أعظم الأعمال التي ينال بها الطّفل الكثير من الحسنات .
والبر بالوالدين يشمل الإحسان إليهما بصفة عامة:
– كمساعدة الأم في أعمال البيت.
– تقبيل يديهما ..
– احترام كلامهما.
– السعي في خدمتهما
– تقديم الشكر لهما دائما.
– اتّباع الطريق الصحيح، فذلك يرضي الله ويرضي الوالدين ويسعدهما.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رضا الله في رضا الوالدينِ، وسخط الله في سخط الوالدين”
أرجه الترمذي ١٨٩٩ وابن حبان ٤٢٩
وعلينا أن نروي لأطفالنا قصة الصّخرة التي أُغْلقت على الأصحاب الثّلاثة ، كما أخبرنا رسول الله ﷺ في الحديث:
قال : “بيْنَما ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ، أَخَذَهُمُ المَطَرُ، فأوَوْا إلى غَارٍ في جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ علَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَانْطَبَقَتْ عليهم، فَقالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ، فَادْعُوا اللَّهَ بهَا لَعَلَّهُ يُفَرِّجُهَا عَنْكُمْ، قالَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إنَّه كانَ لي وَالِدَانِ شيخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ، كُنْتُ أَرْعَى عليهم، فَإِذَا رُحْتُ عليهم حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بوَالِدَيَّ أَسْقِيهِما قَبْلَ بَنِيَّ، وإنِّي اسْتَأْخَرْتُ ذَاتَ يَومٍ، فَلَمْ آتِ حتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُما نَامَا، فَحَلَبْتُ كما كُنْتُ أَحْلُبُ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُؤُوسِهِما أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ حتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا فَرْجَةً نَرَى منها السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللَّهُ، فَرَأَوُا السَّمَاءَ”
صحيح البخاري ٢٣٣٣
فسبحان الله معنى القصّة أنّهم عندما اختبأوا في الغار وسقطت الصّخرة أغلقت عليهم باب الغار ، لم يجدو حلّا إلا أن يدعوا الله بصالح أعمالهم، فدعا أحدهم ربّه بأنّه كان دائما يحلب شاةً له، ويحضر الحليب لوالديه أوّلا يسقيهما أوّلا قبل أولاده.. ولمّا تأخر يوما عنهما وجدهما قد ناما، فجلس عند رؤوسهما ينتظرهما حتى يستيقظا ، فلا يريد أن يوقظهما ولا يريد أن يعطي الحليب لأولاده قبلهما رغم أنّ أولاده جاعوا، فبقي ينتظر والديه حتى استيقظا فسقاهما .. . فعندما ذكر هذا العمل فرج الله عنهم الصّخرة .
فكان برّه بأمه وأبيه سبباً في الفرج، فهكذا على كلّ الأطفال والأبناء أن يكثروا من جمع حسنات البرّ بالوالدين، لعلّها تفرّج عنهم يوما صخور وصعاب الحياة.
وعلينا أن نُذكِّرَ أطفالنا بأَنّه ماذا لو لم يكن لأحدٍ أيّة حسنة ولا أيّ عمل صالح! .. ماذا كان سيفعل الأصحاب الثلاثة الذين أُغلقت عليهم الصّخرة .. كانوا سيبقون هناك داخل الغار .. ولكنّ الله فرّج عنهم بأعمالهم الصّالحة.
قراءة القرآن الكريم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف، ولكن ألِف حرف، ولام حرف، وميم حرف”
رواه التّرمذي ٢٩١٠ حسن صحيح.
قراءة القرآن الكريم من العبادات التّي علينا تعليم الطّفل أن يتعوّد عليها كلّ يوم ، ولا يفرّط فيها أبدا ، فبها يكسب آلاف الحسنات ويتقرّب إلى الله عز وجل.
فمثلا عندما يقرأ الطّفل كلّ يوم صفحتين من القرآن ، كم حسنة سيكسب ؟
متوسط عدد الحروف في السّطر الواحد في القرآن الكريم ٤٠ حرفا ، وبما أنّ الحسنة بعشر أمثالها فيكون السّطر الواحد ب ٤٠٠ حسنة تقريباً.
وهذا الكرم الرّباني ومضاعفة الأجر والحسنات لا نجده إلا في الإسلام ، فعلينا ألاّ نضيّع قراءة وردنا من القرآن كلّ يوم ، وأن نعلّم أولادنا ذلك منذ الصّغر ، ونحرص على تعليمهم اللغة العربيّة جيّدا ، حتى إذا فتحوا المصحف عرفوا قراءة كلام ربّهم والمراد منه.
مساعدة الآخرين .
قال رسول الله ﷺ “أحبُّ النّاسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، و أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ تدْخِلُهُ على مسلمٍ”
الألباني صحيح التّرغيب ٢٦٢٣
علينا تعليم الطّفل أنّه بتقديم المساعدة للغير سيكسب الحسنات أكثر، مثل:
– مساعدة أصدقائه وإخوته.( كأن يمسك بيد صديقه إذا سقط ويساعده على النّهوض، يطعم أخاه الصغير أو يساعده في لبس حذائه وغير ذلك..).
– أن يساعد أمه أو أباه أو جيرانه في حمل الأكياس الثقيلة..
– أن يدّخر من مصروفه قليلا ويشتري هديّة لفقير ..
– أن يساعد الحيوانات في الشارع، ويمنع عنها الأذى.
فكلّ عمل يساعد الطّفل فيه أحداً ، يكسب فيه الحسنات والأجر العظيم ، مهما كان العمل بسيطاً .
طلب العلم.
قال صلى الله عليه وسلّم: “مَن سلَك طريقًا يَطلب فيه علمًا، سلَك الله به طريقًا من طرق الجنَّة، وإنَّ الملائكة لَتضعُ أجنحتَها لطالب العلم رضًا بما يَصنع”
صحيح الجامع ٦٢٩٧
طلب العلم يعني دراسة كلّ شيء مفيد ونافع، فالطّفل إذا ذهب إلى المدرسة بنيّة طلب العلم وإزالة الجهل ، يبتغي رضا الله في كلّ ما يتعلّمه في كلّ المجالات ( في العلوم والحساب واللغات والشريعة والفيزياء والكيمياء …) ، فإنّه ينال الحسنات ويرضى الله عنه، وإذا اتّبع طريق العلم طول حياته فإنّ ذلك الطّريق سيؤدي به في الأخير إلى جنّات النّعيم كما في الحديث.
الإبتسامة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك لك صدقة”
أخرجه التّرمذي ١٩٥٦
سبحان الله! من أسهل الأعمال ، كسب حسنة الصّدقة بدون أن ننفق شيئا، فقط نشر الابتسامة بين النّاس، أن يكون الطّفل بشوشاً مبتسما في وجوه من يلتقي بهم.
وليس من الأدب أن يعبس في وجه معلّميه أو في وجه أقاربه، فهذا قد يفهمه الآخرون تكبّرا وإن لم يكن كذلك، وكذلك نُحرمُ من أجر الاِبتسامة.
فكلّما ابتسمت كلّما كسبت صدقات وحسنات أكثر.
قول الكلمة الطيبة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”الكلمة الطّيبة صدقة”
أخرجه البخاري ٢٩٨٩
على الطّفل أن يتعلّم الكلمة الطّيبة منذ صغره ، فكم من كلمة طيبة يقولها لشخص ما وينساها، ولكنّه يؤجر عليها لأنّه بتلك الكلمة أدخل السرور على قلب أخيه المسلم.
أن يتعلّم ألا يعيب أحدا ولا شيئا ، ويبحث دائما عن الشيء الأجمل ويذكره.
وبهذا يكسب أيضا أجر صدقة في كلّ كلمة لطيفةٍ يقولها.
إماطة الأذى عن الطّريق
قال صلى الله عليه وسلم: “وإمَاطَة الأذى عن الطّريق صدقة”
صحيح الجامع ٨٠٩٦
إماطة الأذى يعني إزالة أيّ شيء قد يسبب الأذى في الطّريق أو في غيره، كإزالة زجاج مكسور أو حجر أو قمامة ، فيفعل ذلك الطّفل ويساهم في النّظافة ويكسب الأجر والحسنات.
عيادة المريض
قال رسول الله ﷺ: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً، إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً، إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ.”
صحيح سنن التّرمذي ( الألباني) ٧٧٥
إذا كان أحد من أقربائنا مريضا فلنقل للطّفل مثلا: أيمكنك مرافقتي لكسب بعض الحسنات؟ لنذهب ونزور قريبنا المريض. فإنّنا عند زيارته سنكسب أجر عيادة المريض، وأجر إدخال السرور عليه ،وأجر الكلمة الطّيبة..
جبر الخواطر
من الأعمال والعبادات الجليلة في الإسلام هي جبر خاطر أخيك المسلم .
يقول الله تعالى: {فَأَمَّا ٱليَتِيمَ فَلَا تَقهَر ، وَأَمَّا ٱلسَّائِلَ فَلَا تَنهَر}
الضحى ٩-١٠
و قال رسول الله ﷺ: “من فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه بها كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيامَةِ”
صحيح مسلم ٢٥٨٠
وجبر الخواطر يكون بالتّخفيف عن أخيك المسلم إذا كان مهموما، أو أصابه مكروه، فتقف بجانبه وتساعده في الخروج من همّه ، ولو بتقديم نصيحة أو كلمة طيبة.
وعلى الطّفل أن يتعلّم الجبر بالخاطر منذ صغره فيعامل اليتيم معاملة لطيفة ، ويشارك أصدقاءه أحزانهم وأفراحهم ..، ويكسب بذلك الأجر العظيم من الله.
ذكر الله عز وجل
قال رسول الله ﷺ: “أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة”
صحيح مسلم ٢٦٩٨
فإذا قلنا سبحان الله 100 مرّة ، سنكسب ألف حسنة، أو تمحى عنّأ ألف سيّئة.
وقال رسول الله ﷺ: “من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شئ قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه”
صحيح ابن ماجة ٣٠٧٩
فبذكر الله يكتب الله لنا آلاف الحسنات ويمحو عنّا السّيّئات.
الصّلاة على النّبي ﷺ
قال رسول الله ﷺ: “مَن صلى عَلَيَّ واحدةً ، صلى اللهُ عليه بها عَشْرًا”
الألباني صحيح الجامع ٦٣٥٨
فكلّما صلينا على رسول الله صلاةً يضاعفها لنا ربنا بعشرة أضعاف.
فنكسب بذلك رحمات وحسنات كثيرة.
وأفضل لفظ في الصّلاة على رسول الله هو كما في الحديث الصحيح: “قيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ فقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكيفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ؟ قالَ: قُولوا : اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ”
صحيح البخاري ٤٤٩٧
هذه بعض الأمثلة على كسب الحسنات وجمعها في الحصّالة، وهناك أعمال كثيرة لا يمكننا ذكرها كلّها ، ولكن في ديننا الإسلام أي عمل خير مهما كان بسيطا فإننّا نؤجر عليه ويضاعف الله لنا به الحسنات، خاصة إذا كان خالصاً لوجهه الكريم.
ولكن علينا أن نكون حذرين من أن نخسر ونضيّع هذه الحسنات التي جمعناها، فكثير منّا لا ينتبه لأعماله فتذهب كلّ الحسنات وهو لا يدري يمكن الاطلاع على نشاط لصوص الحسنات.
نسأل الله دائما أن يعيننا ويوفّقنا لحسن الأقوال والأفعال، ويجنّبنا فعل السّوء وقول السّوء ، إنّه سبحانه رحيم ودود والحمد لله رب العالمين.
الصور مرفقه للطباعة وموجوده على موقعنا pdf
هذا النشاط جزء من حملة نباتاً حسناً