نادر أن تجد أم لا تشتكي من عناد أطفالها فالعناد أصبح ظاهرة معروفة في سلوك معظم الأطفال، حيث يرفض الطفل ما يؤمر به أو يصر على تصرف ما،
ويتميز العناد بالإصرار وعدم التراجع، وهو من أحد السلوك الشائعة، وقد يحدث لمدة وجيزة أو مرحلة عابرة أو يكون صفة ثابتة وسلوك ثابت عند الطفل.
متى يبدأ العناد ؟
يبداء العناد عادةً في مرحلة مبكرة من العمر, فالطفل قبل سنتين من العمر لا تظهر مؤشرات العناد في سلوكه؛ لأنه يعتمد اعتماداً كلياً على الأم في قضاء حاجاته.
عندما يشعر الطفل بالاستقلالية ونتيجة لنمو تصوراته الذهنية حينها يبداء في العناد بما يجول في ذهنه من خيال ورغبات.
كلما فتحنا باب الحوار مع الطفل و كلما كان هنالك مرونة زائدة عن حدها ” ممكن من أحد الأبوين أو شخص آخر مقيم في نفس المنزل” في التعامل مع الطفل كلما فتحنا مجال أكبر للعناد عند الطفل
طبعاً هنالك أكثر من نوع للعناد منها
-عناد التصميم والإرادة: وهذا العناد يجب أن يُشجَّع ويُدعَّم؛ لأنه نوع من التصميم، فقد نرى الطفل يُصر على تكرار محاولته، كأن يصر على محاولة في إنجاز مهمه معينه. أجد أن نوعية هذا العناد موجود أكثر عند الإناث
-العناد الفاقد للوعي: يتم هذا العناد بتصميم الطفل على رغبته دون النظر إلى العواقب المترتبة على هذا العناد، فهو عناد شديد, كأن يصر الطفل على إنهاء مشاهدة فلم تلفازي بالرغم من محاولة إقناع أمه له بالنوم؛ حتى يتمكن من الاستيقاظ صباحاً للذهاب إلى المدرسة
– العناد مع النفس: يحاول الطفل أن يعاند نفسه ويعذبها، ويصبح في صراع داخلي مع نفسه، فقد يغتاظ الطفل من أمه؛ فيرفض الطعام وهو جائع، أو يرفض لبس ملابس معينة، المهم عنده هو معاندة نفسه
-العناد اضطراب سلوكي: ” أعتقد أني واجهت حالة واحدة من هذه النوعية “الطفل يرغب في المعاكسة والمشاكسة ومعارضة الآخرين, فهو يعتاد العناد وسيلةً متواصلة ونمطاً راسخاً وصفة ثابتة في الشخصية, وهنا يحتاج إلى استشارة من متخصص.
يقول علماء التربية: كثيراً ما يكون الآباء والأمهات هم السبب في تأصيل العناد لدى الأطفال؛ فالطفل يولد ولا يعرف شيئاً عن العناد، فالأم تعامل أطفالها بحب وتتصور أن من التربية عدم تحقيق كل طلبات الطفل، في حين أن الطفل يصر عليها، وهي أيضاً تصر على العكس فيتربى الطفل على العناد
و من أسباب العناد أوامر الكبار و التي قد تكون في بعض الأحيان غير مناسبة للواقع، وقد تؤدي إلى عواقب سلبية؛ مما يدفع الطفل إلى العناد كردَّة فعل
مثلاً تكون الأم تشاهد ڤيديو على الهاتف أو التلفاز و يطلب منها الطفل أمر ما فترفض الأم لانها لاتود مقاطعة الڤيديو، فيسأل الطفل مرة أخرى و ترفض الأم مجدداً
وفي بعض الأحيان يحب الطفل أن يقلد أحداً من أبويه عندما يصممان على أن يفعل الطفل شيئاً أمراً ما، دون إقناعه بسبب إصرارهم على هذا الأمر المطلوب منه تنفيذه.
وفي بعض الأحيان يصبح الطفل عنيدا بسبب المشاكل العائلية بين الأب و الأم التي تحصل أمامه
وسبب آخر للعناد هو أن تلبية مطالب و رغبات الطفل عند البدأ بالعناد تُعلِّمه سلوك العناد وتدعمه، ويصبح أحد الأساليب التي تمكِّنه من تحقيق أغراضه ورغباته.
من طرق التعامل مع الطفل العنيد
التمويه: شغل الطفل بشيء آخر غير موضوع العناد والتمويه عليه إذا كان صغيراً, ومناقشته والتفاهم معه إذا كان كبيراً.
الحوار: المقنع الهادئ و أركز على كلمة الهادئ بين الطفل و والده أو والدته
العقاب: ولكن بشرط أن يكون حجم العقاب كحجم الذنب، فليس من المعقول ضرب طفل لانه رفض أن يأكل طعامه مثلاً
الحذر: إحدري من وصف طفلك بالعناد على مسمع منه لانه سيعتقد أن هذا جزء من شخصيته
المقارنة: لاتقارني بين أطفالك على مسمع منهم فأنت تزرعي الكره بينهم
أحد الطرق التي أستخدمها في معالجة العناد
هذا حوار بيني و بين إبني يحيى الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات
أنا: بما أن غداً عطلة الأسبوع فلذلك سيكون موعد النوم اليوم على الساعة التاسعة بدلاً من الساعة الثامنة.
يحيى: لا ماما، على الساعة العاشرة.
أنا: أنا قلي على الساعة التاسعة.
يحيى: ماما! على الساعة العاشرة!
أنا: هذه المرة الثالثة و الأخيرة التي أقول فيها على الساعة التاسعة.
يحيى: ولكن غداً لا يوجد مدرسة و من الممكن أن نتأخر في النوم.
أنا: حسناً”بهدوء تام” بما أنك لا تسمع كلامي فموعد النوم اليوم سيكون على الساعة الثامنة.
يحيى: لا لا لا ، أنا آسف، على الساعة التاسعة.
أنا: حسناً على الساعة التاسعة.
أن معاملة الطفل العنيد ليست بالأمر السهل؛ فهي تتطلب الحكمة والصبر، وعدم اليأس أو الاستسلام للأمر الواقع و أهم ما أنصح به هو النية الخالصة لوجه الله تعالى فإن النية هي أول أركان العمل
و النية الصالحة لها أثر كبير في تربية الأطفال
أختي أذا كانت نيتك أن تخلصي في تربية طفلك ليكون طفلاً مسلماً صالحاً لوجه الله تعالى فإن الله تعالى سيكون معك
وقد كان من دعاء عمر رضي الله عنه:
( اللهم اجعل عملي كله صالحاً، ولوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً )
فأحسني نيتك وأحسني عملك تكوني من المتقين الذين قال تعالى فيهم: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ))[الطلاق:2-3].