?آداب السلام في الإسلام
السلام هو الأمان والاطمئنان وهو أقصى ما يتمناه الإنسان ، وغاية ما يرجوه العالم ، في حين نجد أن الإسلام منذ أربعة عشر قرنا قد مجد السلام وكرمه، ثم حققه ونشره، بعد أن غرسه في قلب كل مسلم وعلى لسانه وفي كل أعماله ، والسلام من أسماء الله الحسنى التي أمر الله تعالى الناس أن يدعوه بها:
قال تعالى:
﴿هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام﴾
الحشر ٢٣
والسلام هو تحية أبي البشر هدية زفتها له الملائكة الأبرار، قال عليه الصلاة والسلام
(لما خلق الله تعالى آدم عليه السلام قال: اذهب فسلم على أولئك ـ نفر من الملائكة جلوس ـ فاستمع ماذا يحيّونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوا ورحمة الله). متفق عليه من حديث أبي هريرة.
وزيادة الملائكة لكلمة ورحمة الله دليل على أمورنا لا يمكن ان تتم دون رحمة الله تعالى .
وعن أبي هريرة أيضاً قال عليه الصلاة والسلام:
(لا تدخلوا الجنة حنى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)
رواه مسلم
وللسلام آداب جليلة بينتها السنة، ورغبت في تطبيقها وتنفيذها بدقة .
تتمثل هذه الآداب فيما يلي:
١. الالتزام بصيغة السلام الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(جاء رجل إلى النبي فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي: عشر، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال: عشرون، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس، فقال: ثلاثون).
رواه أبو داود والترمذي.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إذا انتهى أحدكم الى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم. فليست الأولى بأحق من الآخرة)
رواه أبو داود والترمذي.
٢.تسليم الصغير على الكبير ، والراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، والقليل على الكثير.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير) ، وفي رواية: (يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير)
رواه البخاري .
٣. أن يلقي السلام برفق ولين وخفض صوت على قوم فيهم نيام.
عن المقداد رضي الله عنه قال: (كنا نرفع للنبي نصيبه من اللبن، فيجيء من الليل، فيسلم تسليما لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان).
رواه مسلم.
٤. استحباب تكرار السلام ثلاثاً، إذا كان الجمع كثيراً، أو شُك في سماع المُسَّلم عليه.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً، وإذا أتى قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثاً.
رواه البخاري
٥. الجهر بإلقاء السلام وكذلك الرد.
لقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في السلام أن يرفع صوته بالسلام، وكذلك في الرد، فلا يحصل بالإسرار الأجر، إلا ما استثني.
وأخرج البخاري أثراً عن ابن عمر رضي الله عنه: عن ثابت بن عبيد رضي الله عنه قال: أتيت مجلساً فيه عبدالله بن عمر رضي الله عنه فقال: إذا سلَّمت فأسمع ، فإنها تحية مباركة طيبة.
٦. تعميم السلام على من يعرفه المرء أو لا يعرفه.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال:
(أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)
رواه البخاري .
٧. استحباب ابتداء القادم بالسلام.
وهذا أمر مشهور، ومنتشر بين الناس، وتشهد له النصوص الكثيرة .
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله، الرجلان يلتقيان، أيهما يبدأ بالسلام؟ قال: (أولاهما بالله تعالى)
رواه الترمذي.
٨. إلقاء السلام على الصبيان.
وذلك لتعويدهم وتدريبهم منذ الصغر على آداب الشريعة .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه مر على صبيان فسلم عليهم، وقال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله)
رواه البخاري .
٩. استحباب السلام عند دخول البيت.
وذلك إذا كان مسكوناً، فإذن كان البيت خالياً، فقد استحب بعض أهل العلم من الصحابة وغيرهم أن يسلم الرجل على نفسه إن كان البيت خالياً.
لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾
١٠. رد السلام على من حمل إليه السلام والمحمول إليه.
وعن أنس قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده خديجة قال: (إن الله يقرئ خديجة السلام. فقالت: إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله وبركاته)
رواه النسائي
١١. تقديم تحية المسجد على السلام لمن بالمسجد.
فالداخل للمسجد يستحب له أن يقدم تحية المسجد قبل تحية أهلها، وفي حديث المسيء في صلاته ما يدل على ذلك.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد فصلى ثم جاء فسلم عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى…
رواه البخاري ومسلم
١٢. السلام قبل الكلام.
لأن في الابتداء بالسلام إشعاراً بالسلامة وتفاؤلاً بها وإيناسا لمن يخاطبه وتبركاً بالابتداء بذكر الله.
قال الله تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها﴾ النور ٢٧
١٣. السلام على القوم عند الخروج من المجلس.
فكما أنه يسن السلام عند القدوم على المجلس، فكذلك من السنة أن يلقى السلام عند مفارقة ذلك المجلس.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، ثم إذا قام فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخر)
رواه الترمذي .
١٤. يستحب استصحاب السلام ببشاشة الوجه، ولين الجانب، وحرارة اللقاء.
عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله: (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) رواه مسلم.
١٥. يستحب المصافحة مع السلام.
عن البراء قال: قال رسول الله:
(ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا)
رواه أبو داود.
١٦. السلام على أهل بيته كلما دخل البيت أو خرج منه.
عن أنس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله:
(يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم تكن بركة عليك وعلى أهل بيتك) رواه الترمذي
ويكفي أن السلام هو تحية أهل الجنة الذين لا يختار الله تعالى لهم إلا ما هو أكمل وأحسن ، فقد قال الله عز وجل عن أهل الجنة: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ}
الأحزاب ٤٤
????