فضل حفظ كتاب الله جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية من خلال العديد من النصوص والآيات والأحاديث، والتي من خلالها استمدَّ العلماء أهمية وفضل حفظ القرآن الكريم، ومن تلك الفضائل والأدلة عليها من كتاب الله وسنة نبيه ما يلي:
حافظ القرآن من أهل الله وخاصَّته: حيث أن أهمِّ وأبرز فضائل حفظ القرآن الكريم والتي ينفرد بها من يحفظ كتاب الله أو يقرؤه أنه يُصبح من أهل الله في الدنيا والآخرة، ويُشير إلى ذلك ما رواه المنذري في الترغيب والترهيب عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ للهِ أهلين من النَّاسِ قالوا من هم يا رسولَ اللهِ قال أهلُ القرآنِ هم أهلُ اللهِ وخاصَّتُه».
القرآن يرفع حافظه: من أهمِّ فضائل حفظ القرآن: أنَّه يرفع من يحفظه حتى يبلغ منزلة الملائكة الكرام، حيث صحَّ من حديث السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها ذكرت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ».
رفعة القدر في الدنيا: فمن فضائل حفظ القرآن الكريم في الدنيا أن يُصبح صاحبه رفيع القدر، كما أنه يكون من أهل الإجلال والتقدير عند الناس ويفرض احترامه على الناس لما يحمل في قلبه من القرآن، فقد رُوي عن عمر- رضي الله عنه- قوله: «أما إنَّ نبيَّكم – صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قد قال: إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»، كما جاء في سنن أبي داود من رواية أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ».
حافظ القرآن مغبوطٌ في الدنيا والآخرة: فإن أهل الدنيا يغبطون حافظ القرآن على المكانة التي وصل إليها بحفظه لكتاب الله، وفي ذلك جاء عن النبي – صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أنه قال:« لا حسدَ إلا في اثنتَينِ: رجلٌ علَّمه اللهُ القرآنَ فهو يَتلوه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ…».
حافظ القرآن له الأولوية في إمامة الناس في الصلاة: فقد أرشد النبي – صلى الله عليه وسلم- أصحابه إلى تقديم أكثرهم حفظاً لكتاب الله وأقرئهم له، مما يُشير إلى أولوية حافظ القرآن وأحقيته بإمامة الناس وأنه الأجدر بها، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ».
يشفع القرآن لحافظه يوم القيامة: فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة الواردة عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أن القرآن يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة حتى يخرجوا به من النار، حيث يروي أبو أمامة – رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ…».
حافظ القرآن يرتقي في منازل الجنة: فإن من يحفظ القرآن الكريم يرتقي في الجنة بمقدار حفظه من كتاب الله، وكلما ازداد حفظه ازداد رفعةً في درجات الجنة، فقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه قال:«يُقالُ لصاحبِ القُرآنِ يومَ القيامةِ اقرَأْ وارْقََ ورتِّلْ كما كُنْتَ تُرتِّلُ في دارِ الدُّنيا فإنَّ منزلتَك عندَ آخِرِ آيةٍ كُنْتَ تقرَؤُها».
إكرام الله لوالدي حافظ القرآن: فإن الله سبحانه وتعالى يُكرم والدي حافظ القرآن ويُعلي من قدرهما ويرفع منزلتهما مما يُشير إلى إكرام حافظ القرآن وفضله حتى إنّ والدَيه ينتفعان بحفظه ويعلو قدرهما ببركة ما حفظ من كتاب الله، فعن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه – رضي الله عنه- قال إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا».
طرق ووسائل تسريع حفظ القرآن الكريم
من أهمِّ النصائح التي يرشد العلماء من أراد حفظ القرآن الكريم إليها ما يلي:
١. الإخلاص:
فإن الإخلاص من أهم الوسائل المُعينة على حفظ القرآن الكريم، لأن الحافظ أمينٌ على رسالة الوحي الخالدة التي نزلت على قلب رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وحفظت في الصدور وفي السطور.
٢. تصحيح النطق:
بأن يقرأ القرآن قبل حفظه على المشايخ المتقنين ويتعلم منه كيفية النطق الصحيح للآيات، خاصة المواضع التي فيها تشابه وصعوبة في اللفظ .
٣. تحديد كمية الحفظ:
حيث إن لكل شخصٍ حداً ومقداراً معيناً لا يستطيع أن يزيد عليه، وتحديد مقدارٍ ثابتٍ للحفظ يعتبر من أهم الوسائل المعينة على ديمومة الحفظ والصبر عليه.
٤. اختيار الزمان والمكان المناسبين:
فينبغي على الذي يريد حفظ كتاب الله أن يُحدد المكان والتوقيت المناسب للحفظ؛ فلا يحفظ في وقت اشتداد الحر أو في مكانٍ مليءٍ بالإزعاج وأفضل مكانٍ لحفظ القرآن على الإطلاق المسجد.
٥. الترتيب في الحفظ:
لا ينبغي على الذي يريد حفظ القرآن الانتقال إلى موضع حفظٍ جديد حتى يُتقن الذي حفظه سابقاً؛ حيث إن ذلك يؤدي إلى تشتيت القرآن في عقله ولا يكون قد استقرَّ في ذهنه شيءٌ منه إلا النزر اليسير.
٦. حافظ على الحفظ من مصحفٍ خاص:
لأن عقل الإنسان يهتمُّ بالتفاصيل فإذا تغيرت المصاحف في رسمها من حيث عدد الأسطر ولون الكلمات تشتت الحافظ ولم يُثبت حفظه كما ينبغي.
٧. المحافظة على ترابط السور والآيات:
فالسورة الواحدة تحتوي على أحداث متسلسلة، وكذلك الآيات الطويلة؛ فلا ينبغي حفظ جزءٍ من السورة ثم الانتقال إلى موضعٍ آخر منها دون ربط السابق باللاحق، والترابط بين آيات السور وقصصها يُسهل من الحفظ ويجعله يسيراً مرناً.
٨. الفهم من أسرع طرق الحفظ:
فإن الحافظ إذا فهم مغزى الآيات حفظها وإن توضَّح له معناها سهُل عليه الربط بين جزئيات السورة وبالتالي حفظها بيسرٍ وسهولة.
٩. التفسير يُعين على الحفظ:
فيجب على من يريد حفظ القرآن أن يقرأ التفاسير ليُدرك أسباب النزول والمعاني الخفية وراء الآيات وبعض الكلمات ذات الدلالات البعيدة، مما يُعينه على الحفظ بشكلٍ أيسر.
١٠. العناية بالمتشابهات:
في بعض المواضع المتشابهة بين السور والآيات ينبغي العناية بتلك المواضع وربط أطراف الآيات ومواضع السور حتى يسهل التفريق بين المتشابهات من الآيات والسور.
١١. التسميع والتسابق مع أهل القرآن:
فينبغي على من يريد الحفظ أن يختار صُحبةً ممن يسعون إلى حفظ كتاب الله ليشجعوه على الحفظ ويتسابق معهم عليه مما يُحرك فيه روح المنافسة ويجعله أكثر نشاطاً وهمة.
١٢. معاهدة القرآن الكريم:
حيث إن القرآن الكريم شديد التَّفلُّت من صاحبه ما لم يتعاهده بالمراجعة والمذاكرة.
١٣. اغتنام العمر:
فينبغي أن يسعى الإنسان إلى تحفيظ أبنائه القرآن الكريم وهم في بداية عمرهم حتى يسهل عليهم الحفظ ويترسخ في أذهانهم، وهذا لا يعني عدم قدرة الكبار على الحفظ إن توافرت العزيمة والإرادة لذلك.
١٤. الصلاة خلف إمام حافظ متقن:
المسلم إذا صلى خلف إمامٍ يحفظ القرآن يتشجع على الحفظ طمعاً بالوصول إلى ما وصل إليه الإمام من الحفظ.
١٥. المحافظة على الورد:
ينبغي على الحافظ أن يجعل له ورداً مخصصاً يذاكره يومياً حتى يترسخ القرآن في عقله وقلبه.
هذا النشاط جزء من حملة نباتاً حسناً