المكانة والتاريخ
المسجد الأقصى ليس شأناً فلسطينيا خاصاً وإنما هو شأن الأمة الإسلامية جمعاء، فتاريخ المسجد الأقصى هو تاريخ الأنبياء من لدن أدم عليه السلام إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي عرج به إلى السماء من ذلك المكان المبارك، وفي كل صلاة نذكره لأن الصلوات إنما فرضت في تلك الرحلة المباركة، فالمسجد الأقصى يمثل تاريخ التوحيد الذي كان الإسلام آخر حلقاته ..
ومكانة المسجد الأقصى مكانة مقدسة ..كيف لا ..والقرآن الكريم يشير لذلك ..وكذلك السنة المشرفة .. روى الإمام أحمد أَنَّ مَيْمُونَةَ مَوْلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ: ((أَرْضُ الْمَنْشَرِ وَالْمَحْشَرِ ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ قَالَتْ أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ أَوْ يَأْتِيَهُ قَالَ فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيهِ)) ،
وأخرج أيضاً في مسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا أَعْطَاهُ اثْنَتَيْنِ وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ تَكُونَ لَهُ الثَّالِثَةُ فَسَأَلَهُ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ وَسَأَلَهُ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَسَأَلَهُ أَيُّمَا رَجُلٍ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ خَرَجَ مِنْ خَطِيئَتِهِ مِثْلَ يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ فَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ))
وأخرج عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِس))
نعم .. هو أحد المساجد الثلاث التي تشد إليها الرحال، أخرج البخاري والإمام أحمد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)).
وهو مسجد تضاعف فيه الصلوات، ولا تضاعف إلا في مسجد ذي فضل، أخرج البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء رفعه ((الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة،والصلاة في مسجدي بألف صلاة،والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة)) قال البزار إسناده حسن.
لذلك لابد لنا أن نعرف تاريخ قدس الأقداس ..المسجد الأقصى ..مسرى رسولنا صلى الله عليه وسلم ..لذلك يجب أن نعلم أن الأقصى هو:
١. أولى القبلتين وثالث الحرمين ويقع داخل الحرم القدسي الشريف، حيث ظل وما على مدى قرون طويلة وما زال مركزا لتدريس العلم والمعرفة .
٢. يقع المسجد الأقصى على تلة في الزاوية الجنوبية الشرقية من مدينة القدس القديمة المسورة “البلدة القديمة”، والتي تقع شرقي القدس في الضفة الغربية، ويبلغ طول سور المسجد حوالي ١٤٤ كم متر مربع.
٣. يعرف المسجد الأقصى بأسماء متعددة ، تدل كثرتها على شرف وعلو مكانة المسمى، وقد جمع للمسجد الأقصى وبيت المقدس أسماء تقرب من العشرين أشهرها المسجد الأقصى وبيت المقدس وإيلياء.
٤. يبلغ عدد أبواب المسجد الأقصى ١٤ بابا، منها ٤ مغلقة، فيما استولت إسرائيل على مفاتيح باب حارة المغاربة منذ عام ١٩٧٦م، وتتحكم في فتحه وإغلاقه، حيث يعد هذا الباب هو أقرب الأبواب إلى المصلى الجامع، الذي يهدف اليهود إلى إزالته وبناء معبد يهودي مكانه.
٥. الأبواب المفتوحة للمسجد الأقصى هي باب الأسباط وباب حطة وباب العتم وباب الغوانمة وباب المطهرة وباب القطانين وباب السلسلة وباب المغاربة وباب الحديد وباب الناظر، وهي أبواب قديمة جددت عمارتها في العصور الإسلامية.
٦. يملك المسجد الأقصى ٤ مآذن يعود تاريخ إنشائها للعهد المملوكي، تقع ٣ منها على صف واحد غربي المسجد، وواحدة في الجهة الشمالية على مقربة من باب الأسباط.
٧. أما “حائط البراق” فيقع في الجزء الجنوبي الغربي من جدار المسجد، ويبلغ طوله حوالي ٥٠ مترا وارتفاعه حوالي ٢٠ مترا، وهو جزء من المسجد الأقصى، في حين يطلق عليه اليهود الآن “حائط المبكى”، حيث يزعمون بأنه الجزء المتبقي من الهيكل المزعوم.
٨. بعض المسلمين تختلط الأمور في أذهانهم بشأن المسجد الأقصى، فمنهم من يعتبر أن الأقصى هو ذلك البناء ذي القبة الذهبية (مسجد قبة الصخرة)، والبعض الآخر يظن أن الأقصى المبارك هو ذلك البناء ذي القبة الرصاصية السوداء (المسجد القبلي)، ولكن مفهوم الأقصى الحقيقي هو كل ما يقع داخل السور الذي يحيط بساحة الأقصى وما بداخلها.
٩. المسجد الأقصى وعلاقته بحادثة الإسراء والمعراج:-
المسجد الأقصى هو مسرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم ، ومنه عرج به إلى السماء في ليلة الإسراء والمعراج، قال الله تعالى: { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير }
(الإسراء الآية: 1) .
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( أتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم عرج بي إلى السماء )
رواه مسلم .
فكانت صلاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالأنبياء في ليلة الإسراء والمعراج دلالة واضحة على أن آخر صبغة للمسجد الأقصى هي الصبغة الإسلامية، فاستقر نسب المسجد الأقصى إلى الالتصاق بالأمة الإسلامية التي أم رسولها ـ صلى الله عليه وسلم ـ سائر الأنبياء فيه، ولا شك كذلك أن في اقتران العروج بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى السماوات العلى بالمسجد الأقصى دليل على مدى ما لهذا البيت من مكانة عند الله تعالى، ومنزلة عالية عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمته .
١٠. المسجد الأقصى قبلة الأنبياء وقبلة المسلمين الأولى، وذكر القرطبي وغيره عند تفسير قول الله تعالى: { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين }
(آل عمران الآية:96) .
🤲 اللهم حرر المسجد الأقصى المبارك، مسجد رسولك الحبيب، اللهم أرنا في اليهود يوماً أسود فإنهم لا يعجزونك، اللهم بدد شمل اليهود من حوله، اللهم أشغلهم بأنفسهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم يا رب أرنا في كل من يتهاون ويتعاون مع اليهود يوماً اسود ولا ترحمهم وسلّط عليهم سخطك وغضبك ومرضك وامسحهم عن الوجود مسحاً ..