إنّ من أعظم نعم الله عز وجل على هذه الأمّة الإسلاميّة هي حلول شهر رمضان المبارك، حيث يأتي في كلّ مرّة ونحن أحوج ما نكون إليه. يتجدد علينا شهر الرّحمات في توقيت دقيق مناسبٍ ليُبدل خوفنا أمناً، ويجبر كسر قلوبنا، ويغشاها بالسّكينة والطّمأنينة، ويقرّبَ القلوب إلى ربّها، ويُذّكر النّفوس بالرّجوع إلى خالقها .
اِقتربَ شهر رمضان المبارك وكلّنا شوقاً إليه، كلّنا شوقا إلى تلك الأجواء الرَّبَّانيّة وإلى صوت القرءان يصدح من كل مكان. كلنا شوقاً إلى تلك الأطباق الصغيرة المتبادلة عند أبواب الجيران، اشتقنا إليه وكأنّنا نلقاه أوّل مرّة.
شهر رمضان المبارك نعمة، وهو فرصةٌ من الله عز وجل، وهبها لنا وأمرنا باغتنامها، ولِكي نحسن اغتنامها ونكون من الفائزين لابد من التهيّؤ والاستعداد من قبل لها. الحديث عن رمضان والتّخطيط له يجب أن يكون من قبل هلول الشهر علينا.
من المعلوم أنّ الاستعداد في الأسرة يشمل الصّغار والكبار، فأبناؤنا جزء من هذا الاهتمام، وهذا ما سنقوم به في هذا النشاط عن كيفية التزود بالطاعات استعدادًا لشهر الرحمات من الصّيام والعبادات وأعمال الخير ان شاء الله.
اليكم طريقة لتشجيع أطفالنا على الصيّام والاستعداد لشهر رمضان المبارك.
١. توعية الأطفال بأهميّة شهر رمضان المبارك.
على الآباء تعليم أبنائهم بأنّ رمضان هو موسم عظيمٌ والصّيام فهو ركن من أركان الإسلام الخمسة، وقد ميّزه الله عز وجل بنزول القرآن فيه، قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ﴾
البقرة ١٨٥. وقد ضاعف الله عز وجل فيه الأجر والثواب ، وجعل فيه ليلةً هي خير من ألف شهر. فجميل منا كامهات تعليم اطفالنا الاهتمام والفرح بشهر رمضان المبارك وتعظيم هذا الشهر الفضيل لنفرح به وندرك أن هذا الشهر ليس كباقي الشهور . قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾. يونس ٥٨
٢. النيّة الحسنة.
جلوس الآباء والامهات مع أطفالهم قبل رمضان وبيان لهم أنّه علينا أن ننوي ونتّفق على أن يكون هذا الشهر إن شاء الله بداية للخير والعمل الصالح ، وكسب أكبر قدر من الحسنات ، ونعزم على تغيير سلوكنا للأحسن. فإذا نوينا القيام بعمل صالح فإنّ الله يأجرنا على تلك النّية حتّى وإن تعذر القيام بها لعذر ، كما في الحديث الشّريف عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله كتب الحسنات والسّيئات ثم بين ذلك، فمن هَمَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنةً كاملة” رواه البخاري ومسلم. وقوله عليه الصلاة والسلام “إنما الأعمال بالنّيات، وإنّما لكل امرئٍ ما نوى” رواه البخاري ومسلم. فالنيّة الصادقة الصالحة إذن هي أساس كلّ شيء.
٣. تذكير الأبناء بضرورة التّصالح مع جميع الأصدقاء ومسامحتهم وعدم حمل الغلّ لأي شخص.
٤. وضع برنامج رمضاني مناسب للأطفال.
ممكن ان يشتمل هذا البرنامج وقت لقراءة القران – وقت قراءة القصص الإسلاميّة – وقت حفظ شيء من القرآن – وقت الصلاة – وقت الأذكار – وعبادات اخرى.
٥. تذكير الآباء لأبنائهم بمدى الأجر الكبير الذي نناله في شهر رمضان حيث يضاعف الله لنا أجر الصلاة والصّيام والعمل الصّالح أضعافا مضاعفة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” من صَام رمضان إيِمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِر له ما تَقدَّم من ذَنْبِه”. أي من صام رمضان تصديقاً بأمر الله،و طالباً الأجر ومبتغيا وجه الله فقط، أفاض الله عليه من رحماته ومغفرته.
٦. التّوبة من كلّ السّلوكات الخاطئة التي لا يليق أن يأتي رمضان ونحن نقوم بها.
٧. الاستعداد لتنظيم جلسة قرآنيةٍ تدبريّة برفقة الأبناء.
بالإضافة إلى قراءة القرآن من خلال وردٍ يوميّ، وكذلك حفظ ما تيّسر منه ، فمن المهم جدّا أن يقوم الآباء مع جميع أفراد الأسرة بجلسة تدبريّة للقرآن الكريم ، وذلك باختيار سورة من سور القرآن أو آيات معينة ، والقيام بتفسيرها واستخراج العبر منها، فتدبر القرآن الكريم ومدارسته من أعظم العبادات، قال تعالى :﴿ وَلَٰكِن كُونُواْ رَبَّٰانيّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ آل عمران ٧٩. عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنّه قال «ومَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، ويتَدَارسُونَه بيْنَهُم، إِلاَّ نَزَلتْ علَيهم السَّكِينَة، وغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة، وَحَفَّتْهُم الملائِكَةُ، وذَكَرهُمْ اللَّه فيِمنْ عِنده» أخرجه البخاري ومسلم.
٨. حثّ الأطفال على الصّدقة ولو بالقليل دائما ، وتشجيعهم على جمع النّقود في حصالة خاصة بهم ، لكي ينفقونها على الفقراء والمحتاجين في رمضان ، أو شراء هدايا لهم، اقتداءً بنبيّ الرحمة الذي كان كريماً يُحبّ الصّدقة، وإذا جاء رمضان كان ﷺ كالرّيح المرسلة ، يعني يكثر من الإنفاق والتّصدق مثل الريّاح المحملة بالمطر ، وما يأتي بعد المطر من خير كثير. وروى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فالرسول صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسَلة”.
٩. توعية الآباء لأبنائهم بأهمية التّقليل من مشاهدة التّلفاز، والتّقليل من استخدام الهاتف حتى ولو كان في برامج مفيدة ، استعداداً لرمضان، لكي لا تشغلنا الوسائل الإلكترونية والإعلاميّة كثيرا عن ذكر الله والعمل الصالح، مع ضرورة امتثال الآباء لذلك أولا، لأن رمضان فرصة واحدة كل سنة ، لذلك فالتلفاز والهاتف من الأحسن أن يجعل لهما وقتا آخر بعد شهر الرحمة.
١٠. من الجميل أن يُنظم الآباء بين أبنائهم مسابقة ثقافية تتعلق بأسئلة حول رمضان وفقه الصّيام ، حتى يكتسبوا المعرفة الضروريّة في هذا الشّأن ، فيعبدوا الله عن معرفة وعلم ، وليس عن تقليد فقط. (ممكن الاستعانة بنشاط فانوس الاسئلة ونشاط قطار الاسئلة)
١١. اصطحاب الأب أطفاله إلى المسجد بين الحين والآخر حتّى يحبوا المسجد والصّلاة ، مع تعليمهم آداب دخول المسجد ، حتّى لا يتسببوا في إحداث الفوضى أو التشويش على المصلين.
١٢. شراء بعض القصص الدينيّة المفيدة أو بعض الكتب البسيطة المناسبة لسن الأطفال لإدراج قراءتها في برمانج شهر رمضان.
١٣. مهم تعليم الأطفال بعض الأدعية والأذكار الواردة في السنّة النّبوية ، وإكثار الآباء من الدعاء وتعليمهم أطفالهم حبّ الدعاء وأهميّة الالتزام به دائماً لأنّه يربطنا بربنا ويقربنا إليه، فالدعاء هو العبادة كما قال صلى الله عليه وسلّم.
(ممكن الاستعانة بنشاط لوحة الاحاديث والادعية)
١٤. ممكن شراء وترك بعض المصاحف في الجامع حتى ننال اكثر عدد حسنات عندما يقرأ منه المصلين.
فاللهمّ أكرمنا ببلوغ رمضان ، وأعنّا على حسن صيامه وقيامه ، ووفقنا فيه لفعل الخيرات واعتق رقابنا من النّار، واجعلنا فيه من الفائزين ومن المرحومين، ونعوذ بجلال وجهك أن نكون من المحرومين. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
هذا النشاط جزء من حملة رمضان الخير

















