هل يوجد امور اخرى يمكن القيام بها للمساعدة في الخشوع في الصلاة؟
الصّلاة هي الرّكن الأعظم وهي تاج العبادات و أحبّ الأعمال إلى الله وأفضلها وهي الصلّة الوثقى بين العبد وربه، يَذكره بها ويُجدّد العهد به، كما قال سبحانه: ﴿وأقم الصّلاةَ لِذكْري﴾. طه ١٤.
ولهذه الفريضة أسراراً وحكماً ربانيّةً لا يُدركهَا إلاَّ الذّي يُقْبِلُ عليها بقلبٍ مُحِبٍّ صادقٍ خاشِع.
فكيف يمكنني أن أسير على سلّم الخشوع لأرتقي إلى قرب الله عز وجل ، الذي يوصلني في النّهاية إلى الفوز بالجنّة؟
١. اختيار مكان مناسب للصّلاة بعيدا عن التّشويش:
من المهم أيضا توفير الجوّ المناسب للصّلاة فلا يعقل أن يشرع المسلم في صلاته والتّلفاز مشتغل أمامه بصوت عال ، أو حوله ضجة كبيرة وأحاديث .. أو يصلي وأمامه لوحات كبيرة وصور ملفتة تشَوّش ذهنه .. فيجب أن نصلي في مكان يليق بشعيرة الصّلاة .
عن أنس بن مالك قال: كان لعائشة قرامٌ سَتَرَتْ به جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هذا، فإنَّه لا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ في صَلَاتِي. صحيح البخاري 374 ، والقرام هو ستار غطّت به عائشة جانب بيتها .
فالشّاهد من هذا الحديث أن لا يصلّي الاِنسان في مكان فيه أشياء تُلهيه وتشغله عن أداء صلاته والخشوع فيها.
٢. حفظ وترتيل آيات جديدة مع الأدعية خلال وبعد الصلاة.:
ممّا قد يساعد على حضور الخشوع في الصّلاة أن يقرأ المصلّي بآيات حفظَها من جديد .. فعندما تكون الآيات حديثة الحفظ فهو يركز أكثر في الصّلاة وينتبه للآيات كي لا يخطئ فيها. والمسلم الفطن يسعى ويجتهد لحفظ سور جديدة ليصلّي بها في صلاته ، لكي يجدد الخشوع فيها في كل مرة .
وكذلك حفظ أذكار الصّلاة والتّمعن فيها ، والإكثار من الدّعاء أثناء السّجود.
لقول الرّسول ﷺ : ” أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ” . صحيح مسلم 482.
وكذلك لا ينسى المسلم الدّعاء في أحواله كلّها أن يرزقه الله التّوفيق والقبول ، كأن يقول مثلا: ” ياربّي أعنّي على الخشوع” ياربي ساعدني على الخشوع في صلاتي وأذهب عني الوساوس ونزغات الشيطان ..” اللهم ثبّت قلبي على دينك فإنك تثبت من تشاء إنّك رؤوف رحيم …” .
٣. التّأني في الصلاة والنظر إلى موقع السّجود .
و ممّا يعين على الخشوع هو التّأني في القراءة وسائر الأركان، فأيّ سورة يقرؤُها في صلاته ولو كانت قصيرة عليه أن يقرأها بتأنٍّ، وإذا كانتِ الصّلاة جهريةً فليجهر بها إذا كان يصلي منفردا..فذلك يعينه على الخشوع أكثر ..، أمّا القراءة بسرعة فهيَ تُخِلُّ بأركان الصلاة أولاً وتُذهب الخشوع ثانيا ، لذلك على المصلّي أن يكون متأنيّا في قراءته وركوعه وسجوده وقيامه وجلوسه وذكره ، والتأني في الصّلاة بيّنَهُ لنا النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في الحديث المشهور الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه : أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَخَلَ المَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى، فَسَلَّمَ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَرَدَّ وقالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ، فَرَجَعَ يُصَلِّي كما صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلَاثًا، فَقالَ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ ما أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، فَقالَ: إذَا قُمْتَ إلى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ معكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وافْعَلْ ذلكَ في صَلَاتِكَ كُلِّهَا. صحيح البخاري رقم 757.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يُصلّي متأنّياً ويقرأ حتى تُسمَع قراءتُه حرفا حرفاً ، وكان إذا ركع قال : “اللَّهُمَّ لكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لكَ سَمْعِي وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي وَعَصَبِي” ما أجمل هذا الدعاء لو تمعّنته جيّدا سبحان الله! يستحيل أن تركع وتكرّر هذا الدّعاء ولا يخشع قلبك ..، وكان ﷺ إذا سجد قال : اللَّهُمَّ لكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ”. من حديث علي بن أبي طالب / صحيح مسلم رقم 771.
وممّا يعين على الخشوع أيضا النّظر إلى موضع السّجود، فعن أبي ذر رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال اللهُ مُقْبِلًا على العبد في صلاته، ما لم يلتفت، فإذا صَرَفَ وَجْهَهُ، انصرف عنه)) مسند الإمام أحمد” (5/172)..
فليس من الأدب أبداً أن يشرع المسلم في صلاته ثم يبدأ في الاِلتفات إلى أيّ صوت أو يقوم بحكّ بدنِه أو النّظر في ساعته أو غير ذلك ..ممّا يفسر أنّه يشعر بالملل ويريد أن ينتهي بسرعة ، فهذا عبث واستهثار بالفريضة العظيمة، فمثل هذه الحركات تُذْهِب الخشوع بل إنّها إذا كثرت في الصّلاة أبطَلَتْها.
٤. فهم ووعي ما نقوله في الصلاة :
الفهم والتّدبر: قال تعالى: ﴿أفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾. النساء ٨٢
وقال سبحانه : ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.
ص ٢٩.
فقد أمرنا سبحانه بتدبّر القرآن والوقوف عند آياته والتمعّن فيها، فتحصيل الفهم يساعد المُصلّي على الخشوع أكثر.
والأصل أنَّ قلوب المؤمنين وجلودَهم تخشع وتخضع وترقُّ وتسكن وتطمئنُّ عند ذكر الله ، قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ” ﴾. الزمر ٢٣
وروى لنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن الرّسول ﷺ كان إذا مرّ بآية تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤالٍ سأل، وإذا مرّ بتعوّذ تعوذّ
رواه مسلم. 772
والتّدبّر يشمل أيضا أذكار الصّلاة، فعندما تقول الله أكبر فإنّها تخرج من أعماق قلبك لأنّك تعرف مامعنى “الله اكبر”، الله أكبر من كل شيء، وتعرف معنى “سمع الله لمن حمده”، و معنى كلّ ألفاظ التّشهد.. وغير ذلك ، والاِنسان الذي لايعرف عليه أن يقرأ التّفاسير أو يسأل حتى يجد للصّلاة حلاوة أكثر .
٥. استحضار الثوابِ المُتَرتب على الخشوع :
لقد ابتدأ الله سورة ” المومنون” بمدحِ عباده المؤمنين المُفلحين ، وأوّل صفةٍ ذكرها هي الخشوع في الصّلاة ،قال سبحانه : قَدْ أفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الذين هُمْ في صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ وفي نهاية الآيات ذكر الجزاء الذي أعدّه لهم فقال سبحانه: أُولَئِكَ هُمُ الْوَارثونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾/ سورة المؤمنون 11.
، فهذا أعظم جزاءٍ ينالُه الخاشِع في صلاتِه هو الفوز بالفردوس الأعلى.
وذكر لنا النّبيُّ ﷺ أيضا في الحديث أنّ الصّلاة والخشوع فيها سببٌ لمغفرة الذنوب . فعن عثمان رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما مِن امرئٍ مسلم تَحْضُره صلاةٌ مكتوبة، فيُحسِن وضوءها، وخشوعَها، وركوعَها، إلا كانتْ كفَّارةً لما قبْلها منَ الذنوب، ما لم يُؤت كبيرة، وذلك الدهرَ كلَّه)) صحيح مسلم. 1/ 206رقم: 288
فهنيئا بالجزاء العظيم لكل من يُصلي بخشوع ويحب صلاته ويتقنها.
٦. مناجاة الله تعالى:
عن أنس رضي الله عنه عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا قام أحدكم يصلي فإنه يناجي ربه” أي أنّه يكلّم ربّه. صحيح البخاري رقم 405 .
هكذا يجب أن يعتبر المصلّي كل صلاته أنّها مناجاة بينه وبين ربّه الرّحيم الحنّان المنّان .. فتسكن جوارحه ويشعر بالاِطمئنان ..ويقرأ الآيات وكأنّه هو المخاطب فيها ..ويستشعر أنّه يكلّم اللّه وأنّ الله يكلّمه، كما جاء في حديث سورة الفاتحة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : قال الله تعالى : قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ، قال الله تعالى : حمدني عبدي ، وإذا قال : الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى : أثنى علي عبدي ، وإذا قال : مالك يوم الدين ، قال : مجدني عبدي ، وقال مرة : فوض إلي عبدي ، فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين ، قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل- وفي رواية : – قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فنصفها لي ونصفها لعبدي . رواه مسلم رقم 595 .
فإنّها لكرامة أكرم الله بها العبد المسلم أن يقسم الحق سبحانه الصلاة بينه وبين عبده ويكلمه فيها ويجازيه بذلك وينعم عليه.
٧. العمل مع الرّجاء:
يبتغي المسلم رضوان الله وثوابه ويرجو عفوه ومغفرته ويرجو استجابة دعائه ويرجو دخول الجنّة، وهذا الرّجاء يجعله يجتهد في العمل والعبادة وأهم هذه العبادات هي الصّلاة ، فيؤديها بإتقان وخشوع رجاءً في قَبول الله له وشمله بعنايته ورحمته، ليكون من المؤمنين الخاشعين: قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾. الأنفال الاية 2.
٨. عدم السّرحان وحضور القلب :
من الطّبيعي أن يسرح كلّ إنسان في الصلاّة وتأخذه الأفكار والوَساويس هنا وهناك .. ولكن هناك من اعتاد على ذلك وهناك من يجاهد نفسه ويتدارك ويرجع بتركيزه فيتمّ خشوعه فيها، مُوقناً يقيناً تامّاً من كلّ قلبه أن كلّ ما يفكر به وكل أمر يهمّه ويشغله فهو بيد الله، فهذه العبادة تجعلك تطرح كلّ شيء خلفك وتلجأ إلى الله وتدعوه ليفرّج عنك تلك الهموم ويخفّف عنك تلك الأثقال.. كأنّك تقول: ياربي ها أنا قد جئت في الوقت الذي أمرتني فيه لأداء صلاتي.. ولم أبق منشغلاً بتلك الهموم لأنّك سيّدي وربّي وربّ هذا الكون على كلّ شيء قدير…
فالذي يعرف ربّه يرجوه ويخاف منه.. وأمّا الذي لايعرفه يبقى قلبه بارداً لا يهتم بشيءٍ لأنه من المنطق أن لا يخاف من شيء لا يعرفه، ولا يتوددُّ ولا يرجو لمن يجهل قدره ونعمه وكرمه .
قال تعالى” ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ (46). البقرة.
٩. الخوف من الله عز وجل
اذا استحضر المسلم قلبهُ وقال يجبُ أن أحرص على أن أصليَّ صلاةً يقبلهَا اللهُ منّي فإنَّه لا شكّ سيجتهد في الخُشوع فيرجو رحمة ربّه ويخَافُ من أن تُردَّ صلاتُه.
فيروى عن عصام بن يوسف البلخي أنّه سأل حاتماً الأصم قال له :” كيف تصلّي ؟ قال أفعل كما أمرني المَلك أمشي بالخشية ، وأدخل بالنيّة ، وأكبّر بالتعظيم، وأقرأ بالترتيل ، وأركع بالخشوع ، وأسجدُ بالخضوع ، وأجلس بالأدب ، وأسلّم بالتّبتّل ، وأرجعُ بالخوفِ وأقولُ لا أدري أيُقبل مني أم لا ..! فقال عصام: إن كانت هذه هي الصّلاة فما صلّيت صلاةً في عمُري..”
(حلية الأولياء ج 8 ص 74 )، فهذا نموذج من السّلف الصالح الذين عرفوا معنى الصّلاة ومعنى الخشوع ومعنى الخوف والرجاء. فعلينا أن نُقْبِلَ على الله في الصلاة نرجو رحمتهُ ونخاف غضَبه، نرجُو قبولَه وقربَه، ونخافُ من ذنوبنا وعاقبة أعمالنا.
ومما يورث الخشوع أيضا أن ينظر المسلم في عيوب نفسه وعمله فيخاف الله، فهذا الإمام الجنيد -رحمه الله- يذكرون أنّه كان يوماً في مكة فأُذّن بالصّلاة فقيل له تقدّم ياجُنيد فقال لا أصْلُح للإمامة قالوا لا بدّ من تقدمك، فلمّا تقدّم والْتَفتَ إليهم وقال: استَوُوا رحمكم الله .. أُغمِي عليه !، فقدّموا أحدَهم فصلَّى بهم فلمَّا فرغُِوا من صلاَتهم أفرغُوا على الجُنيد بعضَ الماء فاستيقظَ فلما أفاق سألوه ما سبب إغمائك وأيّ شيءٍ شأنُك؟ قال إنّي لما قلتُ لكم استَوُوا فكأنَّ قائِلاً قال لي: أستويتَ أنتَ مع ربّك حتى تأمر غيرك؟
( حلية الأولياء ج10ص 256). سبحان الله أيّ خوف هذا الذي جعله يُغمَى عليه ! هكذا كان السّلف الصّالح يُعظّمون ربّهم ويقدّرون صلاتهم، و قلوبهم مليئة بالخوف والرّجاء معا.
١٠. معرفة الله واستحضار عظمته :
قبل أن يشرع المسلم في صلاته يجب أن يتذكر أنّه سيقف بين يدي العزيز الواحد الأحد العظيم ذو الجلال والإكرام ، فيلتزم الوقار والسّكون والخضوع له سبحانه، فتعظيم الصلاة من تعظيم الله عز وجلّ. قال سبحانه وتعالى: “وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ”./الزمر ٦٧.
١١. حبّ الصّلاة
أعظم من علّمنا حبّ الصّلاة هو رسول الله ﷺ قال “وجُعِلَت قُرَّةُ عَيني في الصَّلاةِ” فتح الباري لابن حجر/ 3/20 . والقَرُور في اللغة هو الماء البارد ومعنى قرّة العين يعني قمّة السرور والارتياح والرّضا. فمنتهى سروره وسعادته صلّى الله عليه وسلّم كان يجدها في الصّلاة. و كان يقولُ لبلال بن رباح رضي الله عنه ” أرحنا بها يابلال” يعني أذّن للصّلاة وأعلنْ وقت السّرور وراحة النّفس .
ففرقٌ كبير بينَ من يأتي إلى الصّلاة وهو يحبُّ الصلاة .. يحب الله الذي خلقه وأنعم عليه .. وبَيْن من يأتي للصّلاة يَنقُرها نقر الغراب بأقصى سرعة ليرتاح منها ..
فرق كبيرٌ بين من يُؤَدّي الصَّلاة بأنّها عبادة عظيمة تريحُ النَّفس ،يُكّلم فيها ربّه ويطلب منه ما يشاء وهو ساجد يشعر بالقرب منهُ والِافتقار إليه .. وبين من يؤَدّي الصّلاة بأنّها عادة ثقيلة يريد أن يتخلص منها بسرعة.
فالّذي يُحبُّ اللهَ يُحبُّ الصّلاة ، وهذا الحبّ يطبعُ النَّفس على الحياء من الله ، فيستحيِي العبدُ من ربّه أن يراه في كل مرّة في الصّلاة كخشبةٍ جامدة تتحرّك جوارحهُ وقلبهُ غائبٌ وعقلهُ سارح في مشاغل الدنيا.
١٢. حبّ الله عز وجل:
فإذا كان المسلم يحبُّ ربَّه سيشتاق للقائه في كلّ صلاة، فالمحبّة دافع قويٌّ للخشوع بين يدي الله، فكثير منّا دائما ما يحبّ أن يلتقي مع أناسٍ يحبّهم ولهم مكانة في قلبه.. فتجده ينتظر ذلك اليوم الذي سيلتقي بهم وكيف سيعاملهم.. وغير ذلك.
ولله المثلُ الأعلى ..فماذا لو كان الذي نحبّه ونشتاق إليه هو ” الله جلّ جلاله”، بالتّأكيد سيقف المحبّ أمام حبيبه في الصّلاة بكلّ أدبٍ وخشوع وحياء.
والله عزّ وجل يحبّ الذين يحبونه ويتقرّبون إليه بالصّلاة: كما جاء في الحديث القدسي” : (وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه). صحيح البخاري 6502.
النشاط:-
على صورة القصر نكتب اسم الطفل.
يوجد غيوم مكتوب عليها نقاط الخشوع في الصلاة.
كلما حقق الطفل نقطة نضع نجمة بجانب النقطة التي تم تحقيقها ونساعد الطفل في تحقيق النقطة التي تليها.
بالتوفيق
هذا النشاط جزء من حملة نباتاً حسناً