منَ الطَّبيعيِّ أن يسألَك طفلُك عن اللهِ عزَّ وجلَّ، فمن طبيعةِ الطِّفلِ أن يسألَ عن كلِّ شيءٍ حولَه، وقد تكونُ الأسئلةُ غريبةً أحياناً، نظرًا لأنَّ الطِّفلَ محدودُ التَّفكير، ولكنَّه في الوقتِ نفسِه واسعُ الخيال.
علينا كأهلٍ أن نجيبَ على أسئلةِ أطفالِنا بحكمةٍ معَ اتِّباعِ الآتي:
– تركُ المجالِ له للتَّعبيرِ عمَّا يدورُ في نفسِه بِحُرِّيَّةٍ تامَّةٍ دونَ مُقاطَعَةٍ أَوْ زَجْرٍ.
– الاهتمامُ بأسئلتِه والإصغاءُ إليه، وعدمُ إهمالِ الإجابةِ عليها.
وينبغي أن تكونَ إجاباتُنا كأهلٍّ:
– علميّةً، دقيقةً، صادقةً وواضحة.
– سهلةً، مناسبةً لمستوى تفكيرِه، وبعيدةً عنِ التَّعقيدِ.
– مُقنِعةً، وغيرَ مُتناقضة.
– قريبةً، نحاولُ أن نربطَ الإجابةَ فيها بالأشياءِ الملموسة.
وعندما يسألُك طفلُك عنِ الله عزَّ وجلَّ فإنَّ عليك أن تلفتي انتِبَاهَهُ إلى عظمةِ الله تعالى، من خلالِ التَّأمُّلِ والتَّفكُّرِ في مخلوقاتِه مثل خلقِ الإنسانِ والسَّماواتِ والشَّمسِ والقمرِ والجبالِ والبحارِ والأنهارِ وغيرِها منَ المخلوقاتِ الكونيّة.
وعليك أن تعلِّميه أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَخلُقُ ولم يخلقْهُ أحدٌ؛ لأنَّ “الخالقَ” صفةٌ من صفاتِ الله عزَّ وجلَّ.
ومن صفاتِ الله عزَّ وجلَّ أيضاً أنَّه الأوَّلُ فليسَ قبلَه شيء، والآخِرُ فليسَ بعدَه شيء، والظّاهرُ فليسَ فوقَه شيء، والباطنُ فليسَ دونَه شيء، والقادرُ على كلِّ شيء، وهوَ البارِئُ المصوِّر، عالمُ الغيبِ، ليسَ كمثلِه شيءٌ سبحانه وتعالى.
ومن الممكنِ أيضاً أن توضِّحي له صفاتِ المخلوق، وأنَّه ليسَ له قدرةٌ على الخَلْق، ولا يعلمُ الغيب، ومن صفاتِه كذلك: العجزُ والضَّعفُ والمرضُ والموت.
علينا أن نملءَ قلوبَ أطفالِنا بحبِّ الله عزَّ وجلَّ، ولتحقيقِ ذلكَ أنصحُ بشرحِ أسماءِ الله الحُسنى بطريقةٍ سهلةٍ للأطفال.
يمكنُ أن نخبرَ الأطفالَ بأنَّ الله عزَّ وجلَّ يرانا في كلِّ مكان، وفي كلِّ زمان؛ حتَّى يتعلَّمَ الطِّفلُ مخافةَ الله وحدَه، وليسَ مخافةَ العباد.
كلَّما زادَ عِلمُ الأطفالِ بالله عزَّ وجلَّ، ازدادَت خشيتُهم منه، وكلَّما زادت خشيتُهم للهِ، تَحسَّنُوا في تعاملاتِهم، وأحسنوا في مُعاملتِهم لعبادِ الله.
من الممكنِ أيضاً أن نخبرَ الطِّفلَ أنَّ الله عزَّ وجلَّ لا يستطيعُ أحدٌ أن يراه الآن، وأنَّ أقوى الأجسادِ المخلوقةِ الآنَ لا تستطيعُ أن تنظرَ إليه عزَّ وجلَّ، فلو كشف اللهُ أنوارَه للخلقِ لأحترقتهم أنوارُ وجهِه، لذلكَ احتجبَ عنهم في الدُّنيا، أمّا في الجنَّة فيعطيهم الله بصراً أقوى، وأجساداً أقوى؛ ليستطيعوا التمتُّعَ بالنظر إليه سُبحانَه وتعالى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
“إِنَّ اللهَ عَزَّ وجلَّ لا يَنامُ، ولا يَنبَغِي لهُ أنْ يَنامَ، يَخفِضُ القِسطَ ويرْفَعُه، يُرفَعُ إليهِ عَمَلُ اللَّيلِ قبلَ عَمَلِ النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قبلَ عَمَلِ اللَّيلِ، حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انتَهَى إليهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ”
حديث صحيح، رواه مسلم ٢٩٣
نستطيعُ أن نخبرَ الطِّفلَ أنَّ الله سُبحانَه وتعالى إلـهُ جميعِ المخلوقات، وهو المتكفِّلُ وحدَه بكلِّ ما خلقَ, يدبِّرُ شؤونَ مملكتِه الواسعةِ التي وسعَت السَّماواتِ والأرض، لا يساعدُه في ذلكَ أحد، ولا يُعجِزُه من ذلك شيء، والله سُبحانَه وتعالى منذ أن خلقَ أوَّلَ مخلوقٍ وإلى أن ينتهيَ هذا العالم هو الوحيدُ الَّذي يرزقُ، هو الوحيدُ الَّذي يَملُك، وهو الوحيدُ الَّذي بيدِه كلُّ شيء.
من شدّةِ عظمةِ الله أنَّه لم يستطعْ أحدٌ أن يحيطَ علماً بكلِّ عظمته، لا أحدَ أبداً.
يمكنُ أن نخبرَ الأطفالَ أنَّ العينَ عضوٌ من أعضاء الجسم، وهذا العضوُ لا يستطيعُ الرُّؤيةَ إلا ضمن مجال معيَّن، وأنَّ الأذنَ عضو من الأعضاء، ولا تستطيع السَّماع إلا لمسافة معيَّنة، وكذلك العقلُ عضوٌ من أعضاء الجسم، لكن له حدود كذلك، فهو يستطيعُ فهمَ أشياءَ معيَّنة، لكنْ هناكَ أشياءُ كثيرةٌ أكبرُ من العقل، لا يستطيع أن يتخيَّلَها، ولا أن يتصوَّرَها، وأهمُّها الله عزَّ وجلَّ.
قال تعالى عزَّ وجلَّ:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
الشورى ١١
إنَّ الله عزَّ وجلَّ هو مَن يطعمُنا ويسقينا، ويكرمُنا ويُغنينا، ويرشدُنا ويهدينا، وإذا احتجنا فإنَّه يعطينا، بل إنَّه يحبُّ أن نطلبَ منه، وكلَّما طلبنا منه أكثر، أحبَّنا سُبحانَه وتعالى أكثر، وأعطانا أكثر، وذلك لأنَّ محبَّتَه للكرم والجودِ فوقَ ما تتصوَّرُه العقول.
إنَّ أجملَ ما في الكونِ هو الله عزَّ وجلَّ، ولهذا سمَّى نفسَه الجميل.
وهو فعلاً جميلٌ يحبُّ الجمالَ، كما أخبرَنا بذلكَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ”
حديث صحيح، رواه مسلم (رقم: 147)
إنَّ كلَّ الجمالِ الَّذي في النَّباتاتِ أو الجماداتِ أو البشرِ أو الحيواناتِ هوَ مِن أثرِ جمالِ الله عزَّ وجلَّ؛ لأنَّه فعلاً هو الجميل.
ولهذا كانَت أعظمُ نعمةٍ لأهلِ الجنَّةِ أن يكشفَ لهم الله عزَّ وجلَّ عن جمالِه، لكي يروه في الجنَّة، لكي يروا هذا الجمالَ الَّذي لم يروا مثلَه من قبلُ، وكلُّ مَن رآه سيسعدُ وسيفرحُ فرحاً لم يمرَّ عليه في حياتِه مِن قبلُ أبداً.
الله سُبحانَه وتعالى هو مَن خلقَ السَّعادة، وهو يعلمُ ما يسعدُ الإنسانَ حقّاً، وهو لن يعطيَ السَّعادةَ الحقيقيّة لـمَن جاء إليه، وتقرَّبَ بينَ يديه، ولن يعطيَها لـمَن ابتعدَ عنه.
استعنت في هذه النشرة بدرس “من هو الله؟” للشيخ مشاري الخراز، جزاه الله خير.
في هذا النشاط ارفقت لكم صور لاسماء وصفات الله الحسنى كزهور يمكن طباعتها وتلوينها مع الاطفال وشرح المعاني لهم.
جميع المطبوعات موجودة pdf على موقعنا.
بالتوفيق
هذا النشاط جزء من حملة نباتاً حسناً