لماذا نلبَسُ النَّظّارة؟

من المعروفِ أنَّ النّاسَ يلبَسونَ النَّظّاراتِ لكي يستطيعوا الرُّؤيةَ بشكل أفضل…

إذاً فالنَّظّارةُ تساعدُ العيونَ على رؤيةٍ أفضلَ…

ولكنْ هنالك أشياءُ لا نستطيعُ أن نراها بأعيننا، لكنَّ قلوبَنا تستطيعُ أن تراها!

نعم قلوبُنا تستطيعُ أن تُدركَها…

إنَّها أشياءُ كثيرةٌ… أهمُّها: اللهُ عزَّ وجلَّ!

كيفَ يمكنُ أن أجعلَ قلوبَ أطفالي تتنوَّرُ بمعرفةِ اللهِ سبحانَه وتعالى؟

كيفَ يمكنُ أن أُوثِّقَ صلةَ أطفالي بالله عزَّ وجلَّ؟!

ربَّما نُحدِّث أطفالَنا عن الله عزَّ وجلَّ، وعن عظمتِه، وقدرته، ولكنْ في معظمِ الأحيانِ يصعب على هؤلاءِ الأطفالِ تصوُّرُ كلِّ ما نخبرُهم به وإدراكُه.

لهذا قمتُ بهذا النَّشاط، والَّذي سمَّيتُه: نظّارةَ التَّفكير!

نظّارةُ التَّفكير: هيَ عبارةٌ عن نظّارةٍ مصنوعةٍ من ورقٍ، قمتُ – أنا والأطفال – بصُنعِها لتكونَ طريقةً محبَّبةً للتَّفكير، هذه النَّظّارةُ لا تغيِّرُ أيَّ شيء في نظر العيون، لكنَّها ستجعلُ الطِّفلَ عند ارتدائها يرى بصورةٍ أفضل؛ ليس بعينيه، ولكنْ بقلبِه!

حسناً….

صنعنا النَّظّارة…

ارتدينا النَّظّارة…

ماذا بعدُ؟

إنَّ الله عزَّ وجلَّ ذكرَ في القرآنِ الكريمِ قُرابةَ ألفٍ وثلاثِمائةِ آيةٍ تتحدَّثُ عن الكون، فهل يُعقَلُ نترُكَ هذه الآياتِ الكثيرةَ التي أنزلها الله تعالى في القرآن الكريم دونَ أن تكونَ لنا معها وَقفاتٌ وتأمُّلات؟

طبعاً لا!

فآياتُ الكونِ في القرآنِ الكريم تقتضي التَّفكُّرَ، آياتُ الكون في القرآن الكريم موضوعةٌ للتَّفكُّر؛ لأنَّ الله عزَّ وجلَّ جعلَ الكونَ مظهراً لأسمائه الحُسنى وصفاته العُلى.

قال تعالى:

﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾[آل عمران: 191].

إنَّ الإنسانَ إذا تفكَّر في خلق السّماوات والأرض عرفَ الله؛ لأنَّ التَّفكُّرَ والتَّدبُّرَ في خلق الله هو أحدُ الطُّرقِ النافعةِ لمعرفة الله عزَّ وجلَّ، والتَّفكُّرُ هو أوسعُ بابٍ ندخلُ منه إلى توثيقِ الصِّلةِ بالله، ومن أقربِ الطُّرقِ إلى الإقرارِ بوحدانية الله عزَّ وجلَّ، وتفرُّدِه بالخلق والتَّدبير.

يمكنُ أن تُقسَمَ آياتُ اللهِ عزَّ وجلَّ إلى قسمين؛

١. آياتِ اللهِ في الآفاقِ

مثلِ الكون، الشَّمس، القمر، المجرّات، النُّجوم، اللَّيل، والنَّهار.

٢. آياتِ اللهِ في خلقِ الإنسانِ وفيما حولَهُ

مثلِ خلقِ العينِ، الحواسِّ، القلب، اليد، الشَّعر، وغيرُه الكثير!

يشهدُ لهذينِ القسمين قولُ الله تعالى:

﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾[فصِّلت: 53].

فبعد أن صنعنا النَّظّارة وارتديناها، بدأنا بمشاهدةِ أفلامٍ قصيرةٍ وصورٍ عنِ الكون، المجرّاتِ، القمرِ، العينِ، القلبِ، وغيرِها.

فعندما نرى أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ خلقَ وأبدعَ، فكيفَ لنا ألّا نرى عظمتَه؟!

كيف لنا ألا نحمدَه؟!

كيف لنا ألا نعظِّمَه؟!

وكيف لنا ألا نُحبَّه؟!

يا اللهُ! ما أعظمَكَ وأجَلَّك!

هنالك الكثيرُ الكثيرُ منَ المشاهدِ والصُّورِ التي تجعلُنا نفكِّرُ في عظمةِ الله عزَّ وجلَّ.

تجعلنا نفكِّرُ؛ مَن نحنُ لنعصيَه سبحانَه وتعالى؟

مَن نحن في كلِّ هذا الخلق؟!

قال تعالى:

﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾[فاطر: 28].

مَن هُم العلماءُ؟

العلماءُ هم أهلُ الخشيةِ والخوفِ من الله.

العلماءُ هم أهلُ الخشيةِ، ومَن لم يخف منَ الله عزَّ وجلَّ فليسَ بعالم.

مَن تفكَّرَ في خلقِ السَّماواتِ والأرضِ عرفَ عظمةَ الله، ومَن عرفَ الله أطاعَه بقدرِ معرفتِه به، والجاهلُ من النّاس إنَّما يعصي الله بقدرِ جهلِه به، إذاً فلابدَّ من التَّفكير، فالتَّفكيرُ في خلق الله عزَّ وجلَّ هو طريقٌ جليلٌ لمعرفته سبحانَه، وكلَّما تفكَّرنا في خلق الله ازددنا معرفةً به.

والتَّفكُّرُ في خلق الله عبادةٌ ثوابُها كبيرٌ، وهي تزيدُ المؤمنَ خشيةً من الله عزَّ وجلَّ، فأكثرُ النّاسِ خوفاً من الله هم أكثرُهم علماً به سبحانَه وتعالى.

لقد أنزلَ الله هذه الآياتِ لنتدبَّرَها ونعملَ بما جاءَ فيها، والتَّفكُّرُ في خلقِ السَّماواتِ والأرضِ لا يكونُ بمجرَّدِ النَّظرِ إليهما دونَ معرفةٍ وتمييزٍ؛ لأنَّ اللهَ تعالى يقول:

﴿لَخَلْقُ السَّماواتِ والأرضِ أكبرُ من خلقِ النّاسِ ولكنَّ أكثرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾[غافر: 57].

التَّفكُّرُ في خلقِ السَّماواتِ والأرضِ إنَّما يكونُ من خلال دراستِها والتَّمعُّنِ فيها، فعِلمُ الفلك وعلمُ الجيولوجيا وعلمُ الذَّرّةِ وغيرُ ذلكَ من العلومِ إنَّما هي علومٌ مساعدةٌ لكشفِ جملةٍ من حقائقِ عظمةِ النِّظامِ الَّذي أودعَه الله في هذا الكون.

إنَّ إيمانَ العبدِ بالله، ومعرفتَه بعظمةِ مولاه، والتزامَه بأداءِ شرائعِ الله سبحانَه كما أمرَ الله تعالى وأمرَ رسولُه صلّى الله عليه وآله وسلَّم سبيلُ الفلاحِ والنَّجاةِ في الدُّنيا والآخرة.

فآملُ من كلِّ أمٍّ وأبٍ أن يجدوا الوقتَ المباركَ للجلوسِ مع أطفالِهم وتعريفِهم بآياتِ الله عزَّ وجلَّ في خلقِه.

لقد أرفقتُ لكم صورةً عن النَّظّاراتِ للطِّباعةِ على ورقِ A4، وهي موجودة على موقعنا pdf.

هنالك فيديوهات كثيرة على اليوتوب ممكن الاستعانه بها للاطفال.

بالتوفيق

حملة نباتاً حسناً